المومياء
جزء من كتاب 4 بقلم : نور الدين محمود
حكايتي الثانية من داخل الزنزانة لها العجب ،، ولله في خلقه شئون .. رأيته ... وللوهلة الأولى تشعر وكأنك تجلس أمام جثة خرجت لتوها من تابوت قدماء المصريين المحنطين من آلاف السنين ،، هيكل عظمي هو ،، لديه من العمر أربعة وسبعون عاماً هي جملة سنوات حياته ،، صعيدي ،، عندما يريد أن يجلس يجد له زملاء الزنزانة يجلسونه ويقعدونه ،، هو لا يستطيع الحركة بمفرده ،، وسبحان من يحي العظام وهي رميم ،، له أولاد وأحفاد ،، رجال وسيدات
عندما رأيته شعرت أنني سوف أجد حكاية لها العجب وتحقق ما ظننت
تهمته اختطاف أنثى !!! أي أنثى !!! عمرها عشرون عاماً !! ظننت أنه يمزح ولكنه حكى قال :
أعمل في شرم الشيخ بأحد الفنادق الكبيرة ,, أعمال بسيطة ،، حراسة السيارات ،، نقل بعض حاجيات النزلاء ،، تأدية طلب يطلبه مني أحدهم ،، هم ينظرون لي وكأنني أب للجميع ،، كتر ألف خيرهم ،، انزل إلى القاهرة لرؤية أولادي وأحفادي فقط لمدة يوم أو يومين ،، لا أريد أن يعولني إبن من أبنائي ،، لا أرضى على نفسي ذلك ،،
حضرت يوم الخميس وأثناء نومي وفي الثالثة بعد منتصف الليل فوجئ الأولاد بخبط شديد على الباب الخارجي ،، كان ذلك في وقت متأخر من الليل ،، فوجئنا ببعض أمناء الشرطة يقتحمون الشقة بشكل مثير ضاربين كل من يجدوه أمامهم من الأولاد الذين صحو من نومهم في ذعر وذهول ،، وجدت نفسي أصحو على اللكمات والبونيات والشلاليت ،، قبل أن يحملني أحدهم يقول : هيا فين ؟ أقول له : هيا مين ؟ يقول : البنت اللي إنت خطفتها !! مين اللي أنا خطفتها وهعمل بيها إيه ؟ ماذا تقول ؟ بنت إيه وبتاع إيه !! يقول : نعم أنا متهم بخطف أنثى !! أقول له أنثى تعمل بيها إيه !!! ،، يحملونه فوقت أكتافهم ليضعوه في سيارتهم الميكروباص وفي الدواسة يلقونه وأحذيتهم فوق رأسه ،، ما تبقى من دماء لديه يسيل من وجهه ،، ما تبقى من أسنان في حلقه تقتلع من فمه ليحتفظ بها ويربني إياها ،، ماذا يحدث بحق الجحيم ؟،، كان ذلك في منطقة الطالبية حيث يقيم ،، يحملونني إلى قسم آخر في أخر بلاد المسلمين ...
أقول له حكايتك لها العجب ،، أنا غير مصدق لما تقول لأن ما تقول فوق سطح الخيال ،، أين هذه الأنثى التي اتهموك بخطفها ؟ يقول لي هم يقولون لي لسه بندور عليها .. وإلى هنا أجد نفسي وقد أصابني الدوار ،، ماذا يحدث بحق الجحيم ؟ حالة فريدة من حالات كثيرة حدثت وشاهدتها وتكلمت مع أصحابها وكان ما سمعت يدمي القلوب ويوحي أن ذلك آخر الزمان والدنيا على وشك الانتهاء ،، علامات يوم القيامة هي ،، عندما يجد المرئ نفسه ملقى في السجن على ذنب مستحيل حدوثه عقلاً ومضموناً وسيكولجياً وخلافه من شتى أنواع التحليلات النفسية العقلية !! ماذا يحدث ؟
يقول : ذهبت في اليوم التالي إلى وكيل النيابة لعله يرحمني من بطش هذا القسم اللعين ،، وجدته يقول لي هو الآخر فين الأنثى التي خطفتها ؟
أرد عليه : حالي أمامك !! لا أقوى على الحركة فكيف لي أن أخطف أنثى وماذا أفعل بها ومعها ؟
أقول له : يا بيه أنا رِجْلْ بَرَّه ورجل جُوَه زي ما إنت شايف أعمل إيه بالأنثى!!!
والغريب في ذلك الأمر أن وكيل النيابة يأمر بحبسه ويراعى له التجديد في الميعاد !! ثم يأمر ثانية بعد عدة أيام هي الأربع باستمرار حبسه خمسة وأربعون يوماً أخرى !! ماذا يحدث إذن ؟
تلك حالة فريدة في مضمونها ومعناها ،، نجد دائما أن جرائم الاختطاف غالباً ما تكون منطقية في أحداثها ،، شاب يخطف فتاة ، رجل مفتول العضلات والشكل يخطف فتاة فهذا بديهي ولكن أن يخطف رجل هَرِمْ في ذلك السن المتقدم والأدهى من ذلك ليست له أي قوة تذكر يقوم باختطاف فتاة يكبرها لأكثر من خمسون عاماً فهذا شئ مستحيل أو من عاشر المستحيلات ،، ألم يشفع له سنه وكهولته لدى منفذي القانون الذين أبرحوه ضرباً حتى أن أسنانة الباقية في حلقه تم تكسيرها ،، رأيتها معه في جيبه يحتفظ بها ،، أسنان وأنياب تزيد على الخمس جمعها ووضعها في منديل لتكون خير شاهد على عنف هؤلاء الذي لا يعرفون الرحمة برجل لم يدخل أي قسم بوليس طيلة هذا العمر المتقدم ...........
وجدت نفسي حقاً أمام حالة يرثى لها ،، حالة من الفوضى القانونية والإنسانية يُنْدَّى لها الجبين !! وسلم لي على ..... القانون !!
جزء من كتاب 4 بقلم : نور الدين محمود
حكايتي الثانية من داخل الزنزانة لها العجب ،، ولله في خلقه شئون .. رأيته ... وللوهلة الأولى تشعر وكأنك تجلس أمام جثة خرجت لتوها من تابوت قدماء المصريين المحنطين من آلاف السنين ،، هيكل عظمي هو ،، لديه من العمر أربعة وسبعون عاماً هي جملة سنوات حياته ،، صعيدي ،، عندما يريد أن يجلس يجد له زملاء الزنزانة يجلسونه ويقعدونه ،، هو لا يستطيع الحركة بمفرده ،، وسبحان من يحي العظام وهي رميم ،، له أولاد وأحفاد ،، رجال وسيدات
عندما رأيته شعرت أنني سوف أجد حكاية لها العجب وتحقق ما ظننت
تهمته اختطاف أنثى !!! أي أنثى !!! عمرها عشرون عاماً !! ظننت أنه يمزح ولكنه حكى قال :
أعمل في شرم الشيخ بأحد الفنادق الكبيرة ,, أعمال بسيطة ،، حراسة السيارات ،، نقل بعض حاجيات النزلاء ،، تأدية طلب يطلبه مني أحدهم ،، هم ينظرون لي وكأنني أب للجميع ،، كتر ألف خيرهم ،، انزل إلى القاهرة لرؤية أولادي وأحفادي فقط لمدة يوم أو يومين ،، لا أريد أن يعولني إبن من أبنائي ،، لا أرضى على نفسي ذلك ،،
حضرت يوم الخميس وأثناء نومي وفي الثالثة بعد منتصف الليل فوجئ الأولاد بخبط شديد على الباب الخارجي ،، كان ذلك في وقت متأخر من الليل ،، فوجئنا ببعض أمناء الشرطة يقتحمون الشقة بشكل مثير ضاربين كل من يجدوه أمامهم من الأولاد الذين صحو من نومهم في ذعر وذهول ،، وجدت نفسي أصحو على اللكمات والبونيات والشلاليت ،، قبل أن يحملني أحدهم يقول : هيا فين ؟ أقول له : هيا مين ؟ يقول : البنت اللي إنت خطفتها !! مين اللي أنا خطفتها وهعمل بيها إيه ؟ ماذا تقول ؟ بنت إيه وبتاع إيه !! يقول : نعم أنا متهم بخطف أنثى !! أقول له أنثى تعمل بيها إيه !!! ،، يحملونه فوقت أكتافهم ليضعوه في سيارتهم الميكروباص وفي الدواسة يلقونه وأحذيتهم فوق رأسه ،، ما تبقى من دماء لديه يسيل من وجهه ،، ما تبقى من أسنان في حلقه تقتلع من فمه ليحتفظ بها ويربني إياها ،، ماذا يحدث بحق الجحيم ؟،، كان ذلك في منطقة الطالبية حيث يقيم ،، يحملونني إلى قسم آخر في أخر بلاد المسلمين ...
أقول له حكايتك لها العجب ،، أنا غير مصدق لما تقول لأن ما تقول فوق سطح الخيال ،، أين هذه الأنثى التي اتهموك بخطفها ؟ يقول لي هم يقولون لي لسه بندور عليها .. وإلى هنا أجد نفسي وقد أصابني الدوار ،، ماذا يحدث بحق الجحيم ؟ حالة فريدة من حالات كثيرة حدثت وشاهدتها وتكلمت مع أصحابها وكان ما سمعت يدمي القلوب ويوحي أن ذلك آخر الزمان والدنيا على وشك الانتهاء ،، علامات يوم القيامة هي ،، عندما يجد المرئ نفسه ملقى في السجن على ذنب مستحيل حدوثه عقلاً ومضموناً وسيكولجياً وخلافه من شتى أنواع التحليلات النفسية العقلية !! ماذا يحدث ؟
يقول : ذهبت في اليوم التالي إلى وكيل النيابة لعله يرحمني من بطش هذا القسم اللعين ،، وجدته يقول لي هو الآخر فين الأنثى التي خطفتها ؟
أرد عليه : حالي أمامك !! لا أقوى على الحركة فكيف لي أن أخطف أنثى وماذا أفعل بها ومعها ؟
أقول له : يا بيه أنا رِجْلْ بَرَّه ورجل جُوَه زي ما إنت شايف أعمل إيه بالأنثى!!!
والغريب في ذلك الأمر أن وكيل النيابة يأمر بحبسه ويراعى له التجديد في الميعاد !! ثم يأمر ثانية بعد عدة أيام هي الأربع باستمرار حبسه خمسة وأربعون يوماً أخرى !! ماذا يحدث إذن ؟
تلك حالة فريدة في مضمونها ومعناها ،، نجد دائما أن جرائم الاختطاف غالباً ما تكون منطقية في أحداثها ،، شاب يخطف فتاة ، رجل مفتول العضلات والشكل يخطف فتاة فهذا بديهي ولكن أن يخطف رجل هَرِمْ في ذلك السن المتقدم والأدهى من ذلك ليست له أي قوة تذكر يقوم باختطاف فتاة يكبرها لأكثر من خمسون عاماً فهذا شئ مستحيل أو من عاشر المستحيلات ،، ألم يشفع له سنه وكهولته لدى منفذي القانون الذين أبرحوه ضرباً حتى أن أسنانة الباقية في حلقه تم تكسيرها ،، رأيتها معه في جيبه يحتفظ بها ،، أسنان وأنياب تزيد على الخمس جمعها ووضعها في منديل لتكون خير شاهد على عنف هؤلاء الذي لا يعرفون الرحمة برجل لم يدخل أي قسم بوليس طيلة هذا العمر المتقدم ...........
وجدت نفسي حقاً أمام حالة يرثى لها ،، حالة من الفوضى القانونية والإنسانية يُنْدَّى لها الجبين !! وسلم لي على ..... القانون !!